تصوير أورين زيف وإعداد أني سليمرود من القدس
في الوقت الذي تحاول فيه السلطات الإسرائيلية إخماد أعمال العنف المستمرة منذ أسبوعين عبر تكثيف الإجراءات الأمنية في القدس الشرقية، نجد أن أول المستجيبين من الفلسطينيين والإسرائيليين مصممون على توفير الرعاية للجرحى، حتى لو كان ذلك سيعرضهم للخطر.
وتقول جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن نقاط التفتيش الجديدة والحواجز الإسمنتية التي يتم وضعها على مداخل الأحياء في القدس الشرقية الفلسطينية، تشكل أحد عناصر القلق الرئيسية بالنسبة لها.
وتعليقاً على ذلك، قالت عراب فقها المتحدثة باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، متحدثة من رام الله: "لن يكون سهلاً [علاج الجرحى في تلك الأحياء]، نحن لا نعرف ما الذي سيحدث".
ومنذ مطلع هذا الشهر، أسفرت سلسلة من الهجمات التي يشنها فلسطينيون في القدس والضفة الغربية المحتلة، عن مصرع سبعة إسرائيليين. وعلى الجانب الآخر، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن 44 فلسطينياً قتلوا على يد عناصر الجيش والمستوطنين الإسرائيليين، 40 في الضفة الغربية، و14 في قطاع غزة.
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وجزء كبير من القدس الشرقية، جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني هي التي تهرع إلى مكان الحادث سيراً على الأقدام، أو بالدراجات النارية أو سيارات الإسعاف. وفي حين تقوم "ماجن ديفيد أدوم" أو جمعية نجمة داوود الحمراء بمهمة مماثلة في إسرائيل– قد تكون مثيرة للجدل في بعض الأحيان – في القدس الشرقية وبعض مناطق الضفة الغربية التي تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد، أكد يوناتان ياجودوفسكي، المتحدث باسم جمعية نجمة داود الحمراء أن فنيي الطوارئ الطبية والمساعدين الطبيين، من اليهود الإسرائيليين والعرب، سوف يواصلون عملهم: "سوف نجد طريقة ما للاستجابة. لدينا تجربة سيئة للغاية، خاصة في القدس، ولكننا نواصل تقديم الخدمة مع أخذ احتياطات إضافية للتأكد من سلامة الفرق التابعة لنا".
والجدير بالذكر أن ما لا يقل عن 100 إسرائيلي أصيبوا منذ بدء موجة العنف هذه، مما يثير مخاوف من نشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة. تأتي الاضطرابات الحالية، التي تعد أسوأ عمليات عنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ الحرب التي وقعت في العام الماضي في غزة، إثر خلافات حول الوصول إلى الحرم القدسي الشريف، الموقع المقدس في القدس للمسلمين واليهود على حد سواء. وتعيد الهجمات على المدنيين داخل إسرائيل إلى الأذهان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي انطلقت شراراتها إثر الزيارة التي قام بها آرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في عام 2000 للمكان في إطار حملته الناجحة لتولي رئاسة الوزراء.
وإضافة إلى قلقها إزاء القيود الجديدة، تشكو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من أن الأمن الإسرائيلي يعيق عملها بالفعل. وقالت عراب فقها أنه قد تم تأخير مرور سيارات الإسعاف في نقاط التفتيش، وحرمانها من الدخول إلى أجزاء من القدس، وتعرضها للنيران الحية أو الرصاص المطاطي. وأضافت أنه تم القبض على اثنين من المرضى من سيارة إسعاف داخل القدس.
ونتيجة لذلك أصبح بعض سكان القدس الشرقية يخشون الذهاب إلى المستشفى: "الناس في القدس يقولون لموظفينا 'لا نريد أن الذهاب إلى المستشفى، قدموا لنا الإسعافات الأولية هنا'".
قال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن سيارات الإسعاف لا تواجه مشكلة في الوصول إلى القدس الشرقية، وسوف يبقى الحال هكذا بموجب التدابير الأمنية الجديدة: "المدينة مفتوحة لجميع مركبات الطوارئ القادمة إلى داخل وخارج جميع المناطق بغية الاستجابة... بل إن ضباط الشرطة التابعين لنا يقومون بمرافقتها إذا لزم الأمر".
وقال أنه لم يتنام إلى علمه ادعاءات تتعلق باعتقال فلسطينيين من سيارات الإسعاف، لكنه أضاف: "إذا كان هناك مشتبه فيهم [في سيارة إسعاف]، فسيخضعون لعمليات تدقيق أمنية. هذا إجراء اعتيادي. لا نريد أن يتمكن إرهابي أو مشتبه فيه من الدخول إلى مستشفى وشن هجوم".
وفي داخل إسرائيل، تعرضت جمعية نجمة داود الحمراء لبعض الانتقادات بعد أن قال مديرها، إيلي بين، لمحطة إذاعة محلية أنها قد تعالج المهاجمين قبل الضحايا، حيث قال: "ليس لديّ رفاهية الوقت لفرز الجرحى...القاعدة في جمعية نجمة داود الحمراء هي علاج الأشخاص الأشد إصابة ممن هم في حالة خطرة بشكل يهدد حياتهم".
وتشير تقارير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أنها قامت بعلاج 3,500 شخص في القدس والضفة الغربية من إصابات المتعلقة بالنزاع منذ اندلاع أعمال العنف في بداية شهر أكتوبر الجاري، بما في ذلك الإصابات الناجمة عن الغاز المسيل للدموع والرصاصات المطاطية والذخيرة الحية. وتقول فقها أن موظفيها يتحملون فوق طاقاتهم ولكنهم سوف يواصلون العمل.
انظر أيضاً: فيلم: رجال الإطفاء في غزة