تقرير: فينيشا ريني في بيروت

اليوم الأول

هذا هو علي.

علي من برج البراجنة، وهو أكبر المخيمات الفلسطينية الرسمية الأربعة المقامة في ضواحي بيروت، وواحد من أكثرها اكتظاظاً. يبلغ علي من العمر 25 عاماً ويعيش في شقة صغيرة مكونة من أربع غرف في هذا المخيم مع أمه وأبيه وشقيقين طوال حياته. لقد تقبل الأمر إلى حد كبير، على الرغم من أنه يعترف بأنه حاول الهرب إلى أوروبا. يعرف علي الكثير من الناس الذين نجحوا في ذلك، ولكن محاولته فشلت بمجرد اصطدامها بالعقبة الأولى: لم يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول إلى تركيا. إن برج البراجنة هو واحد من تلك الأماكن التي ترغب في الهروب منها، كما يوضح بصوته الهادئ الرقيق. وتشكل كابلات الكهرباء المتشابكة القاتلة نوعاً من المظلات فوق الأزقة الضيقة؛ وبسبب نظام الصرف الصحي القديم بشكل مؤلم، فإن قدوم فصل الشتاء يعني أن تفيض المياه وتنتشر الروائح الكريهة كلما هطلت الأمطار.

برج البراجنة مكتظ ويشكو السكان من الكابلات الكهربائية الخطيرة المتدلية على ارتفاع منخفض (ماغنا هاغسيتر/فليكر)

برج البراجنة مكتظ ويشكو السكان من الكابلات الكهربائية الخطيرة المتدلية على ارتفاع منخفض (ماغنا هاغسيتر/فليكر)


اليوم الثاني

(فينيشيا ريني/إيرين)

(فينيشيا ريني/إيرين)

علي رجل أسرة حقيقي، يستمتع باحتساء الشاي مع الأقارب ويحب قضاء الوقت في اللعب مع ابنة أخيه، التي تبلغ من العمر سنتين ونصف. وعندما لا يفعل ذلك، يقوم بركل الكرة، ويدخن الشيشة مع أصدقائه، ويلعب ألعاب الكمبيوتر في مقهى الإنترنت المحلي، أو يعمل على تطوير مشروعه المفضل: تطبيق أندرويد يسمح لك بالالتقاء بالناس على شبكة الانترنت. وقد علم نفسه كيفية كتابة الرموز من خلال الدروس المتاحة على موقع يوتيوب، ولكن من أجل القيام بذلك، قال أنه علم نفسه اللغة الإنجليزية أولاً، وفعل ذلك أيضاً عبر الإنترنت. ويقول وهو يهز كتفيه أن المدارس التي تديرها الأونروا في المخيم ليست ذات فائدة كبيرة، ولذلك ينبغي على المرء أن يتعلم بنفسه. لقد سمع همسات تشير إلى أنه في السنوات القليلة المقبلة، قد لا تكون هناك أونروا على الإطلاق، وهذه شائعة انتشرت في البلاد بعد خفض المساعدات الصحية في لبنان بداية هذا العام.

 مثل هذه الشائعات ليست صحيحة، ولكن من المؤكد أن الأونروا تواجه أكبر أزمة مالية في تاريخها الذي يمتد منذ 65 عاماً، وكانت توشك على تأجيل الدراسة في ما يقرب من 700 مدرسة مخصصة للفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة في شهر سبتمبر الماضي بسبب نقص المال. تم تفادي الأزمة في اللحظة الأخيرة، ولكن نظراً للعجز في ميزانية الأونروا في عام 2016 والذي يبلغ 81 مليون دولار، واعتماد السكان الفلسطينيين الآخذين في الازدياد بشكل كامل على الوكالة، فإن شبح تقليص خدمات أخرى يلوح في الأفق. وبالنسبة للشباب مثل علي في لبنان - حيث يتم استبعاد اللاجئين الفلسطينيين اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وقانونياً - توفر الأونروا بصيص الأمل الوحيد، والتعليم هو أفضل فرصة لتحقيق حياة أفضل.

 

صور علي لبرج البراجنة


اليوم الرابع

لم يجد علي وظيفة بدوام كامل، ويجد صعوبة في العمل من المنزل بسبب انقطاع التيار الكهربائي (فينيشيا ريني/إيرين)

لم يجد علي وظيفة بدوام كامل، ويجد صعوبة في العمل من المنزل بسبب انقطاع التيار الكهربائي (فينيشيا ريني/إيرين)

Day 4. Whatsapp diary entry copy.jpg

وتشير التقديرات الحالية إلى وجود 280,000 لاجئ فلسطيني يعيشون في لبنان، وجميعهم تقريباً مصنفون على أنهم أجانب بموجب القانون اللبناني، على الرغم من أن أكثر من 90 بالمائة منهم ولدوا داخل البلاد وقضوا حياتهم كلها هناك. وهذا الحكم له تداعيات ضخمة على السكان، ليس أقلها القيود الشديدة المفروضة على توظيفهم، والمزيج من فرص العمل المحدودة والمواقف التمييزية والعقبات القانونية يعني أن الكثير من الفلسطينيين يجب أن يقبلوا أي عمل يمكنهم العثور عليه، بغض النظر عن الشروط القانونية أو المالية، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية في عام 2012.

 

 


اليوم الخامس


اليوم السابع

يتسم علي بالواقعية عندما يتأمل في الحياة في مخيم برج البراجنة. إن الوضع ليس سيئاً بالكامل، فلديه أسرته وأصدقاؤه الذين يوفرون له الكثير من سعادته، ولكن هناك العديد من السلبيات، وهو على دراية تامة بها - فهو يتعرض لها كل يوم. ليس هناك شيء مؤكد بالنسبة لجيله. وبالإضافة إلى الطلبات العادية التي تنشأ في مراحل النضج - العثور على وظيفة، والاحتفاظ بصحة جيدة، والحفاظ على العلاقات مع الأصدقاء والأسرة - يواجه علي مئات التحديات الصغيرة الأكثر تحديداً. الاكتظاظ - الذي يرجع جزئياً إلى وصول اللاجئين السوريين في السنوات القليلة الماضية - والظروف المعيشية الخطيرة، وقوانين العمل الظالمة، واعتماد المجتمع المحلي بأكمله على وكالة مساعدات تعاني نقصاً في التمويل، كل هذه الظروف مجتمعة تجعل الحياة مثل المشي على حبل مشدود لا نهاية له.


انظر المزيد من اليوميات: