تقرير: كريستينا واسهولم من ديميتروفغراد، صربيا، تصوير: جودي هيلتون
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل عند وصولهم إلى مركز التسجيل في ديميتروفغراد على حدود صربيا الشرقية مع بلغاريا.
يشعر الرجال الأفغان الـ 17 بإرهاق شديد بعد المشي لمدة سبع ساعات فوق الجبل الذي يشكل الحدود بين بلغاريا وصربيا. وتغطي الخدوش وجوههم وأيديهم وسواعدهم، وقد احمرت عيونهم من شدة الإرهاق.
بعد عدة أيام من السفر عبر الغابات والتضاريس الوعرة، يحصل المهاجرون الأفغان على قسط من النوم استحقوه عن جدارة على متن حافلة متجهة إلى بلغراد
وقد اختار جميع المهاجرين واللاجئين الوافدين إلى ديميتروفغراد الطريق البري عبر تركيا وبلغاريا، بدلاً من الطريق البحري الأكثر تكلفة إلى اليونان. ومن المرجح أن يُستخدم هذا الطريق بشكل متزايد لأنه يُحظر على المهاجرين من غير السوريين والأفغان والعراقيين دخول مقدونيا من اليونان. ولكن مع فرض المزيد من الضوابط من قبل شرطة الحدود التركية والبلغارية، توجد العديد من التقارير التي تتحدث عن وحشية الشرطة. إنه خيار تصاحبه المخاطر الخاصة به.
"لا توجد سوى طرق خطرة للوصول إلى هنا،" كما يقول شفيع الله مظفر، وهو مهندس كهربائي يبلغ من العمر 23 عاماً من ولاية وردك الأفغانية، بالقرب من كابول.
وقد دفع للمهربين 8,000 دولار مقابل نقله من أفغانستان إلى صربيا، بعد أن بدأت حركة طالبان تهدد عائلته بسبب عمله لدى شركة أجنبية. ولكن الشرطة البلغارية ألقت القبض عليه هو وجماعته وقضى ما يقرب من أسبوع قيد الاحتجاز قبل نقله إلى مركز استقبال اللاجئين في صوفيا، عاصمة بلغاريا.
"عاملنا بعض ضباط الشرطة كالحيوانات، ولكن عدداً قليلاً منهم كانوا جيدين،" كما أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).
لم يتمكن حمزة ستانيكزاي البالغ من العمر 19 عاماً، وهو أيضاً من أفغانستان، من دخول بلغاريا إلا في محاولته الثالثة. في أول مرتين، اعتقلته شرطة الحدود البلغارية وأعادته إلى تركيا. ويقول أن الشرطة البلغارية أطلقت طلقات تحذيرية وأرسلت بعض الكلاب لمطاردته هو وجماعته. وبعد القبض عليهم، تعرضوا للضرب بفروع الأشجار، ثم أُمروا بخلع ستراتهم وأحزمتهم وسراويلهم. ويبين ستانيكزاي كيف قطعوا درز سترته للعثور على المال الذي كان يخبئه بداخلها.
"أخذوا 300 يورو، وهو كل المال الذي تبقى معي، وهاتفي الخلوي،" كما أفاد.
وقد ذكرت عدة منظمات حقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية ومركز بلغراد لحقوق الإنسان، أن المهاجرين واللاجئين أدلوا بشهادات في الأونة الأخيرة عن الضرب والابتزاز والاعتقال التعسفي الذي تعرضوا له على أيدي الشرطة البلغارية. ويقول علي رازغي، وهو متطوع يعمل داخل مركز التسجيل في ديميتروفغراد، أنه سمع أيضاً العديد من القصص المماثلة لقصة ستانيكزاي.
في حاوية تُستخدم كعيادة طبية من قبل التحالف الدولي للصحة والمرأة (WAHA)، يقول الممارس العام ميسا تاسكوف أنه يعالج الكدمات وعضات الكلاب، ولكنه لا يستطيع تأكيد هوية المسؤول عن هذه الإصابات. وفي معظم الحالات، يعالج اللاجئين من الإصابات التي لحقت بهم نتيجة المشي لمسافات طويلة عبر الغابات، مثل التواء الكاحل والجروح، وكذلك نزلات البرد والحمى والإسهال.
من جانبها، تقول الممرضة آنا أندونوف: "ما يحتاجون إليه في الغالب هو الدفء والحصول على قسط من الراحة".
تنخفض درجة الحرارة عن الصفر بعدة درجات. إنه برد تقشعر له الأبدان، ولكن مظفر يرتدي حذاءً رياضياً من دون جوارب. كان اللاجئون في الغالب يصلون أثناء الليل خلال الأسبوعين الماضيين، مع ذلك تواصل المنظمات العاملة في مركز التسجيل الذي تحول إلى مخيم عبور، مثل الصليب الأحمر والتحالف الدولي للصحة والمرأة، الالتزام بساعات العمل الرسمية. توجد فقط مجموعة من المتطوعين الألمان تعمل طوال الليل، وتمنح أكياس الخبز والتونة المعلبة والمياه. ولأنهم لا يملكون تصريحاً بالعمل داخل المخيم، فإنهم يوزعون الجوارب والملابس والأحذية من داخل شاحنة متوقفة عند الناصية.
تأخذ الشرطة الصربية بصمات المهاجرين وصورهم وبياناتهم الشخصية، ومن ثم تعطيهم وثيقة تمنحهم الحق في البقاء في صربيا لمدة 72 ساعة قبل طلب اللجوء. ولكن لا يخطط أي منهم للبقاء هناك. إنهم جميعاً يقولون أنهم سيتوجهون إلى حدود صربيا مع كرواتيا، ومن ثم سيواصلون رحلتهم شمالاً إلى النمسا أو ألمانيا أو السويد.
يتقاضى سائقو سيارات الأجرة 500 يورو لنقل حمولة سيارة من اللاجئين من القرى القريبة من الحدود البلغارية إلى بلغراد أو الحدود الكرواتية.
أما أولئك الذين لا يستطيعون دفع هذا السعر، فلديهم الحافلات التي تغادر من مركز التسجيل وتتقاضى 30 يورو مقابل الرحلة إلى بلغراد. ولا يزال هذا يمثل ضعف سعر تذكرة الحافلات والقطارات المنتظمة إلى العاصمة. وتصدر تعليمات إلى السائقين بالانتظار حتى تمتلئ الحافلات قبل المغادرة. ونتيجة لذلك، لا يزال الرجال الأفغان الذين وصلوا إلى مركز التسجيل بعد منتصف الليل ينتظرون مغادرة الحافلة بعد مرور 14 ساعة.
في صباح اليوم التالي، نواصل تتبع الطريق مرة أخرى عبر الغابات، التي يصفها اللاجئون بأنها "أحراش"، وغالباً ما ينامون داخلها في العراء أثناء رحلتهم سيراً على الأقدام من بلغاريا. يقودنا ألكسندر ناكوف، وهو أحد مسؤولي التوعية في منظمة إنقاذ الطفولة، إلى مزرعة والديه الصغيرة على بعد كيلومتر واحد من الحدود - وهو أول مبنى يراه العديد من اللاجئين عند عبورهم الحدود إلى صربيا. ويقول ليوبومير، والد ناكوف، أنهم يخبرونه في كثير من الأحيان عن الضرب الذي تعرضوا له على أيدي الشرطة البلغارية.
تقوم شرطة الحدود الصربية أحياناً بتسيير دوريات في المنطقة، لكنها نادراً ما تعتقل أي شخص، وفقاً لألكسندر ناكوف، الذي يشير إلى أنهم "في الغالب يقومون بدورياتهم من غرفة معيشة والدي، وهم يحتسون القهوة".
تتناثر الملابس والوثائق الممزقة والحفاضات وأغلفة المواد الغذائية على الطريق الترابي الموحل المتجه إلى أعلى الجبل. وتوجد أيضاً وثائق هوية تم التخلص منها بعد أن كانت تخص مواطنين باكستانيين وإيرانيين - وهم من الجنسيات التي تتمتع بفرص ضئيلة للحصول على حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
ولا يميز الحدود سوى صخرة بيضاء هرمية الشكل. مكتوب على أحد جانبيها "RB" أي جمهورية بلغاريا، وعلى الجانب الآخر "RS" أي جمهورية صربيا.
تحرير: كريستي سيغفريد وأندرو غالي