على الرغم من أن أنظار العالم كله قد تركزت في عام 2015، على أزمة الهجرة في البحر المتوسط وأوروبا، إلا أن النازحين في الواقع يقصدون مناطق عدة في العالم قد لا يتم بالضرورة تسليط الضوء الكافي عليها من قبل وسائل الإعلام.
وقد أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه من المرجح أن يشهد هذا العام نزوحاً قسرياً في العالم يتجاوز لأول مرة 60 مليون شخص.
وفيما يلي 6 قصص للهجرة لم يتم تسليط الضوء عليها:
أفغانستان
بصرف النظر عن السوريين، يشكل المواطنون الأفغان النسبة الأكبر من اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا. ووفقاً للأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة، شهد هذا العام وصول قرابة 190,000 أفغاني إلى اليونان قاصدين بلدان أوروبا الغربية الأخرى. وما التدهور الكبير في الأمن في أعقاب انسحاب القوات الدولية والركود الاقتصادي ونسب البطالة المرتفعة للغاية بين الشباب إلا بعض العوامل التي تدفع الأفغان إلى مغادرة بلدهم.
لكن الرحلة عبر إيران وتركيا ثم إلى أوروبا طويلة ومحفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للعديد من الأطفال والمراهقين الأفغان الذين يسافرون بمفردهم، إذ يعاني الكثيرون منهم من العنف على أيدي مهربي البشر أو الشرطة، ناهيك عن خطر الغرق عند محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط. وأولئك الذين يبقون على قيد الحياة يواجهون مستقبلاً غامضاً لأنهم يستقبلون بفتور متزايد في أوروبا، حتى في بلدان مثل ألمانيا، التي قبلت عدداً أكبر من المهاجرين واللاجئين عن أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.
أمريكا الوسطى
في دول '"المثلث الشمالي"' وهي هندوراس والسلفادور وغواتيمالا، تتم الهجرة الداخلية والهجرة عبر الحدود على نطاق مذهل. ووفقاً لمركز رصد النزوح الداخلي، تتسبب أعمال العنف التي تمارسها العصابات المتطرفة – بما في ذلك الاغتصاب والاختطاف والقتل والابتزاز ومصادرة الأراضي واستخراج الموارد الطبيعية والتجارة غير المشروعة في المخدرات – إلى وفيات جماعية وإصابات وتشريد قسري يشابه الصراعات في أماكن أخرى من العالم. فعلى سبيل المثال، أدت مثل هذه الأعمال في السلفادور في عام 2014 إلى تشريد حوالي خمسة بالمائة من مجموع السكان.
والتهديد بالعنف – جنباً إلى جنب مع الفقر ونسبة البطالة المرتفعة – دفعت آلاف الأشخاص إلى التماس السلامة والأمن في بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى، وكذلك في الولايات المتحدة. ولكن خلال رحلتهم للبحث عن ملجأ، يقع الكثير من الناس ضحايا للمتاجرين بالبشر والاستغلال أو حتى القتل. ويكون الأطفال غير المصحوبين بذويهم – الذين وصل عددهم إلى 66,000 في عام 2014 وحدها – عرضة بشكل خاص لهذه الأنواع من الجرائم.
والجدير بالذكر أن المكسيك والولايات المتحدة قد شددتا الإجراءات الأمنية على طول حدودهما المشتركة ويتم ترحيل أعداد متزايدة من مواطني أمريكا الوسطى بدلاً من إعطائهم الفرصة للتقدم بطلب للجوء.
ميانمار
كثيراً ما يوصف الروهينجا، وهم مجموعة مميزة من الأقلية العرقية المسلمة من شمالي وغربي ميانمار، بأنها المجموعة الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم. فبعد سنوات من الاضطهاد على أيدي الحكومات المتعاقبة، أسفرت الهجمات الواسعة النطاق في عام 2012 عن مئات القتلى ودفعت الآلاف إلى اللجوء إلى المخيمات.
ومنذ ذلك الحين، فر آلاف الروهينجا من ميانمار عن طريق البحر، ووقع الكثيرون منهم ضحايا في أيدي عصابات الاتجار بالبشر وتهريبهم. وفي أوائل عام 2015، عثر على سجون في الغابات ومقابر جماعية تحتوي على جثث ضحايا المتجرين في البشر، مما دفع السلطات التايلاندية والماليزية لشن حملات أمنية للقضاء على الاتجار بالبشر. وفي شهر مايو، هجر المهربون قواربهم، أملاً في تجنب الاعتقال، مما تسبب في ترك مالا يقل عن 5,000 شخص يهيمون على وجوههم على غير هدى.
جذبت محنة الروهينجا انتباه وسائل الإعلام الدولية لفترة وجيزة عندما رفضت تايلاند وماليزيا وإندونيسيا السماح لآلاف اللاجئين والمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل دخول أراضيها. ولكن رضوخاً للضغوط الدولية، وافقت ماليزيا وإندونيسيا أخيراً على قبول بعض اللاجئين لفترة زمنية محدودة.
مع ذلك، وفي ظل استمرار المشاعر المعادية للمسلمين في ميانمار، لا يزال آلاف النازحين داخلياً يعيشون في ظروف مزرية، ومع وجود تقارير عن استئناف عصابات التهريب تجارتها، يواصل الروهينجا اللجوء إلى عبور البحر فراراً من الفقر والاضطهاد.
نيجيريا
عانت نيجيريا من عقود من عدم الاستقرار والأنظمة العسكرية المتعاقبة والتوترات الاثنية -الدينية والجهوية. ولكن في السنوات الأخيرة، يعاني شمال شرق البلاد من التمزق بسبب قتاله ضد جماعة بوكو حرام الإسلامية المسلحة. وقد أدى النزاع إلى نزوح أكثر من 2.5 مليون شخص في منطقة حوض بحيرة تشاد منذ مايو 2013. وينتهي الحال بالغالبية العظمى منهم، أو ما يقدر بـ 90 بالمائة، ليس في المخيمات بل في المراكز الحضرية التي لا تزال تعاني من الصراع وكانت بالفعل فقيرة للغاية. في هذه الأثناء، تحول عمليات العنف والتمرد المستمرة دون تقديم المساعدات الإنسانية في أجزاء عديدة من تلك المنطقة. ولا يزال مئات آلاف الأشخاص يعيشون دون قدر كاف من الغذاء أو المياه المأمونة والمرافق الصحية والتعليم. وقد أضحت المدن ومخيمات النازحين التي يفر إليها القرويون أهدافاً لجماعة بوكو حرام، وكذلك المناطق الحدودية للبلدان المجاورة: الكاميرون وتشاد النيجر. إنها أزمة هائلة ومهملة
جنوب السودان
عقب حصولها على الاستقلال من السودان في يوليو 2011، انزلقت جنوب السودان في حرب أهلية في ديسمبر عام 2013 وذلك بسبب صراع على السلطة بين الرئيس سيلفا كير ونائبه السابق رياك مشار. وقد تصاعد القتال بين القوات الحكومية والجماعات المتمردة، مما أيقظ التوترات العرقية بين قبائل الدينكا والنوير.
وقد أدت أعمال العنف الوحشية والمستمرة ضد المدنيين إلى مقتل الآلاف وتسببت في تشريد عدد كبير من السكان. وبحلول توقيع اتفاق سلام بوساطة دولية في شهر أغسطس من هذا العام، كان أكثر من 2.2 مليون شخص قد فروا من منازلهم، 1.6 مليون منهم نزحوا داخلياً وأجبر أكثر من 600,000 شخص إلى التماس اللجوء في البلدان المجاورة.
وقد حدث تدهور كبير في الأمن الغذائي بمعدل ينذر بالخطر، وذلك في ظل أن قرابة 3.9 مليون شخص يواجهون الآن الجوع الشديد. وفي شهر أكتوبر، حذرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن 30,000 شخص في ولاية الوحدة على شفا المجاعة. وفي ظل عدم القدرة على الوصول إلى الأسواق، والحصول على الوظائف، والخدمات الأساسية أو الآليات الاجتماعية المساعدة، يصبح أولئك النازحون أكثر عرضة للخطر. وحتى بالنسبة للآلاف الذين يسكنون في مخيمات الأمم المتحدة، لا يتوفر لهم سوى كميات قليلة من الغذاء والماء ووصول محدود للرعاية الطبية، كما أن المرافق الأساسية تعاني من اكتظاظ كبير.
اليمن
لقد عانى اليمن، البلد الأفقر في الشرق الأوسط، من سنوات من عدم الاستقرار وسوء الإدارة. وعقب الثورة التي أطاحت بالرئيس اليمني على عبد الله صالح، بعد أكثر من 30 عاماً في السلطة، أدى عبد ربه منصور هادي اليمين الدستورية رئيساً جديداً للدولة بدعم دولي – لكنه لم يستطع بسط سلطته الكاملة. وانزلق اليمن في أتون حرب أهلية في سبتمبر 2014 عندما استولى الحوثيون – بدعم من علي عبدالله صالح – على السلطة، مما دفع المملكة العربية السعودية إلى تشكيل تحالف من عدة دول وشن ضربات ضد المتمردين في مارس هذا العام.
وتسببت عمليات القصف التي تقودها السعودية والقتال بين القوات المتناحرة على الأرض إلى وقوع عدد كبير من القتلى والمصابين، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، كما أدت إلى عمليات نزوح واسعة النطاق. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تسبب الصراع في نزوح 2.5 مليون شخص حتى منتصف ديسمبر. وأدى الحصار المفروض على الموانئ الرئيسية منذ وقت سابق من هذا العام إلى نقص الوقود والمواد الغذائية الرئيسية. ولا يزال استمرار الأضرار بالبنية التحتية والقتال لا يزال يعوق إيصال المساعدات الإنسانية وخاصة للفئات الأكثر ضعفاً من النازحين. وبحلول شهر أغسطس، تشير التقارير إلى وصول أكثر من 100,000 يمني إلى بلدان في الشرق الأوسط والشرق والقرن الأفريقي.
يمكنكم الاطلاع هنا على تغطيتنا الكاملة لأزمة المهاجرين واللاجئين في العالم.
تقرير: إليانور ويبر-بالارد، تحرير: كريستي سيغفريد، محررة شؤون الهجرة في شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) وأندرو غالي.
الصور بعدسة: جودي هيلتون، جيم هويليبروك، إيمي ستيلمان، إس. إتش أومي/مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وزارة الإعلام في ميانمار، كارلوس ساردينا جالاتشي/مؤسسة جيوتانيو، بوريما باليما، فراجكيسكا ميجالودي، جاسون باتينكين، المقداد مجلي ومحمد ياسين/منظمة اليونيسف.